• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تزوير الحقائق

إيهاً معاوية..... وأنت الآن قدّيس بجلد نمرٌ، بل نمرٌ بدور قدّيس تعزف على أوتار الخديعة تراتيل «الأتقياء»، ثم تصطنع الخير وتُبدي النصيحة وتتكلّف المعروف، ويا عجبا، تصغي لك الرعاع، لتنبهر بحسن ما أنت عليه من القداسة التي تلتحف بها الآن، إلاّ أنّها جلباب مفضوح بانت من تحته عورتك يا أبا يزيد ...
واهاً لكل تلك السرابيل، كلّما أرسلتها من جانب فضحتك من آخر، وكلّما جررتها لتستر بها سوءتك بدت لك اُخرى، أبّهة الملك.. زبرجة الصحبة، خئولة المؤمنين... كتابة الوحي... إلى غير ذلك من الخرق التي أخلقتها غوابر سنون عجاف من الحقيقة.. من كل شيء يرنو إليه الإنسان بفطرته متطلّعاً لمعرفة الحقّ عدا ما أشغلته زوابع التمويه لتهبّ عليه من كل جانب.. مفاهيم مغلوطة .. قراءات معكوسة.... تزوير..... خداع.... نفاق... دجل... شقاق ..... توحيها إليك شياطين النزعة للسلطان التي تكتنزها دواخلك المليئة بكل مكيدة غير آبه بما أنت عليه من الفضيحة، ثمّ تنظر شنفاً لتاريخ مديد تقرأه بعين غيرك، ثم تفرضه على واقعك فرضاً، وتظنّ أنك أجدت اللعبة، إلاّ أنك لم تجد شيئاً لساداتك الذين ادّخروك لمثل هذا اليوم.. لم ينصفوك أبا يزيد إذ جعلوك مطيّتهم إلى غير منتهى من المكر والتضليل والخديعة..
ولم تنصفهم كذلك، فقد قرأت الأحداث بأعينهم وهي تنخدع بشهوة الملك ونزوة السلطان..
الآن وبعد عقود من مناوراتك أبا يزيد تُراغم الحقّ لتلتبسه على المغفّلين من قومك، فهل ينفعك ذلك مع من قد عرفت؟!... الحسن بن عليّ(عليهما السلام) يخاصمك الآن ويحاججك بما لا يخفيك من الحقّ، فعلام هذا التزوير؟! وعلام هذه المماطلة والأحداث من خلفك ومن أمامك تحيق بك كما يحيق المكر السيّئ بأهله.. فلنرجع قليلاً إلى الوراء لنقرأ ما أنت عليه من الخبيئة بما تعتقده وتعزم عليه... والدخيلة التي تطويها في دسائس سريرتك...
ولنقرأ فصولاً من رسالتك فنحاكمها على ضوء ما بأيدينا من وثائق التاريخ، لِنَقْرَأْها بأعين مفتّحة لا تعشيها حيلة ولا تعميها مكيدة.
فقد جاء في ردّك على الإمام الحسن ما نصّه:
«ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاماً، وأعلمها بالله، وأحبها له، وأقواها على أمر الله، واختاروا أبا بكر وكان ذلك رأي ذوي الحجى والدين والفضيلة والناظرين للاُمة».
إذن فلنقرأ جميعاً ما بعثته برسالتك إلى محمّد بن أبي بكر، لتصرّح خلاف ذلك فقلت مخاطباً محمّد بن أبي بكر:
ذكرت فيه حقّ ابن أبي طالب، وقديم سابقته وقرابته من نبيّ الله، ونصرته لـه، ومواساته إيّاه في كل هول وخوف، واحتجاجك عليَّ، وفخرك بفضل غيرك لا بفضلك، فاحمد إلهاً صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك، فقد كنّا وأبوك معنا في حياة نبيّنا نرى حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرّزاً علينا، فلما اختار الله لنبيّه ما عنده، وأتمّ له ما وعده، وأظهر دعوته، وأفلج حجّته قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزّه وخالفه، على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما، وتلكّأ عليهما، فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم(1) .
وهنا اعترفت بأنّ أبا بكر وعمر أول من ابتزّا حقّ عليّ واتفقا معاً على ذلك، فأين اختيار ذوي الحجى والدين والفضيلة في اختيار أبي بكر للخلافة؟
وأي إجماع ــ يا ابن أبي سفيان ــ أردت، وصوت أبيك مدوٍّ في أسماع الجميع وهو يحرّض على أبي بكر وعمر بقوله: ما بال هذا الأمر في أقلّ حي من قريش والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجالاً...
ثمّ يجلجل صوته عالياً ولن يقرّ له قرار حينما رأى أبا بكر يدّعي الخلافة فيصيح بأعلى صوته: ما لنا ولأبي فصيل إنّما هي بنوعبد مناف، هذه هي شهادة أبيك أبو سفيان، فأين أنت منه؟!.
ولم يكن أبو سفيان قد قرّ له قرار حتّى هدّد باستخدام القوة على أمل أن يستقر الأمر عند أهله فقال: والله، إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلاّ دم، يا آل عبد مناف فيما أبو بكر من اُموركم، أين المستضعفان أين الأذلاّن، عليّ والعباس، وقال: أبا حسن أبسط يدك حتّى اُبايعك... ثمّ تمثّل بشعر المتلمس:

ولن يقيم على خسف يـراد به
إلا الأذلان عيرُ الحي والوتـدُ

هذا على الخسف معكوسٌ برمّـتـه
وذا يَشجُ فلا يبكي له أحـــدُ

ثمّ كان يخاطب عليّ والعباس ويقول لهما: أنتما الأذلاّن، ثّم يتمثّل:

إنّ الهوان حمار الأهـل يعرفــه
والحرٌّ ينُكره والرسلةُ الأجـــدُ
ولن يقيم على خسف يـراد بــه
إلاّ الأذلاّن عير ُ الحي والوتــد
هذا على الخسف معكوس برمتـه
وذا يشـج فلا يبـكي لـه أحــد(2)

هذا رأي أبيك فيما زعمت أنّه إجماع على اختيار أبي بكر، فهل كان أبوك خارجاً على هكذا إجماع، أم هي سورةُ الغضب تطفئها وشاية السلطان، لتُحبط بالمصلحة أو الرشوة فورة الغضب، كما هو عليه أبوك حين سمع أنّ أبا بكر ولّى ابنه فقال: وصلتهُ رحم(3).
ولم يكن عليٌّ(عليه السلام) بالمغشوش أو المرتهن بما يحرّش عليه أبوسفيان، فإنّ عليّاً(عليه السلام) لا يعرف أبا سفيان إلاّ كائداً للإسلام، يلتمس الشرّ ويتحيّن الغيلة، فلا يستخفنّه تظاهر أبو سفيان على أهل السقيفة، كما أنت عليه اليوم مع ولده الحسن بن عليّ(عليهما السلام) فلايعرفك إلاّ محتالاً طياشاً، تلتبس عليك الاُمور مخارجها ومنافذها، وتظن لغوايتك أنك أحسنت اللعبة، وأجدت الخديعة.
ويا عجباً من قولك، أنّك لا ترى الإمام الحسن(عليه السلام) للخلافة أهلاً، ولا للولاية محلاً، وأيم الحقّ أنك لا تعرفه إلاّ ابن عليّ(عليه السلام)، إلاّ أنك غششت نفسك وأغريت رأيك، وسفّهت حلمك، لظنك أنّك أقدر على سوس البلاد وقياد العباد، وهل سوسك إلاّ الرشوة والسطوة، وقيادك لعباد الله إلاّ بالسيف والقوّة، ثم أنك تفاخره بكبر السن، ويا ويح أبو بكر فقـد تقـدّم أبــاه، والصحابـة من اُولي السـن
والسابقة، وقد احتج أبو قحافة حينما سمع أنّ أبا بكر قد ولّي، فقال: بم ذاك، قالوا: لكبر سنّه، فقال: أبوه أكبر سنّاً منه.
ويا عجباً ـ وأنت الطليق ـ تدعو أولاد الأنبياء للدخول تحت طاعتك وفي عنقك لجده منّة الاطلاق، وحسن العفو، ومحمدة الإحسان؟!!.
_____________________
(1) شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي: 3 / 132.
(2) راجع في أقوال أبي سفيان تاريخ الطبري: 2/ 449.
(3) المصدر السابق.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page